فصل: انتقاض نجا بميافارقين وأرمينية واستيلاء سيف الدولة عليها.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.انتقاض هبة الله.

وفي هذه السنة بعث سيف الدولة الصوائف إلى بلاد الروم فدخل أهل طرسوس من درب ومولاه نجا من درب وأقام هو ببعض الدروب لأنه كان أصابه الفالج قبل ذلك بسنتين فكان يعالج منه شدة إذا عاوده وجعه وتوغل أهل طرسوس في غزوتهم وبلغوا قونية وعادوا فعاد سيف الدولة إلى حلب واشتد وجعه فأرجف الناس بموته فوثب عبد الله ابن أخيه وقتل ابن نجا النصراني من غلمان سيف الدولة ولما تيقن حياة عمه رحل إلى حران وامتنع بها وبعث سيف الدولة غلامه فجاء إلى حران في طلبه فلحق هبة الله بأبيه بالموصل ونزل نجا على حران آخر شوال من سنة اثنتين وخمسين وصادر أهلها على ألف ألف درهم وأخذها منهم في خمسة أيام بالضرب والنكال وباعوا فيها ذخائرهم حتى أملقوا وصاروا إلى ميافارقين ونزلها شاغرة فتسلط العيارون على أهلها.

.انتقاض نجا بميافارقين وأرمينية واستيلاء سيف الدولة عليها.

ولما فعل نجا بأهل حران ما فعل واستولى على أموالهم فقوي بها وبطر وسار إلى ميافارقين وقصد بلاد أرمينية وكان قد استولى على أكثرها رجل من العراق يعرف بأبي الورد فغلبه نجا على ما ملك منها وأخذ قلاعه وبلاده فملك خلاط وملاذكرد وأخذ كثيرا من أموال أبي الورد وقتله ثم انتقض على سيف الدولة واتفق أن معز الدولة بن بويه استولى على الموصل ونصيبين فكاتبه نجا يعده المساعدة على بني حمدان ثم صالحه ناصرالدولة ورجع إلى بغداد فسار سيف الدولة إلى نجا فهرب منه بين يديه واستولى على جميع البلاد التي ملكها من أبي الورد واستأمن إليه نجا وأخوه وأصحابه فأمنهم وأعاد نجا إلى مرتبته ثم وثب عليه غلمانه وقتلوه في داره بميافارقين في ربيع سنة ثلاث وخمسين.

.مسير معز الدولة إلى الموصل وحروبه مع ناصر الدولة.

كان الصلح قد استقر بين ناصر الدولة ومعز الدولة على ألف ألف درهم في كل سنة ثم طلب ناصر الدولة دخول ولده أبي ثعلب المظفر في اليمن على زيادة بذلها وامتنع سيف الدولة من ذلك وسار إلى الموصل منتصف سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة ولحق ناصر الدولة بنصيبين وملك معز الدولة الموصل وسار عنها في أتباع ناصر الدولة بعد أن استخلف على الموصل في الجباية والحرب فلم يثبت ناصر الدولة وفارق نصيبين وملكها معز الدولة وخالفه أبو ثعلب إلى الموصل وعاث في نواحيها وهزمه قواد معز الدولة بالموصل فسكنت نفس معز الدولة وأقام ببر قعيد يترقب أخباره وخالف ناصر الدولة إلى الموصل فأوقع بأصحابه وقتلهم وأسر قواده واستولى على مخلفه من المال والسلاح وحمل ذلك كله إلى قلعة كواشي وبلغ الخبر إلى معز الدولة فلحق بالنواب وأعيا معز الدولة أمرهم ثم أرسلوا إليه في الصلح فأجاب وعقد لناصر الدولة على الموصل وديار ربيعة وجميع أعماله بمقرها المعلوم وعلى أن يطلق الأسرى الذين عنده من أصحاب معز الدولة ورجع معز الدولة إلى بغداد.

.حصار المصيصة وطرسوس واستيلاء الروم عليها.

وفي سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة خرج الدمشق في جموع الروم فنازل المصيصة وشد حصارها وأحرق رساتيقها وبلغ إلى نقب السور فدافعه أهلها أشد مدافعتهم ثم رحل إلى أذنة وطرسوس وطال عيثه في نواحيها وأكثر القتل في المسلمين وغلت الأسعار في البلاد وقلت الأقوات وعاود مرض سيف الدولة فمنعه من النهوض إليهم وجاء من خراسان خمسة آلاف رجل غزاة فبلغوا إلى سيف الدولة فارتحل بسببهم للمدافعة فوجد الروم انصرفوا ففرق هؤلاء الغزاة في الثغور من أجل الغلاء وكان الروم قد انصرفوا بعد خمسة عشر يوما وبعث الدمشق إلى أهل المصيصة وأذنه وطرسوس يتهددهم بالعود ويأمرهم بالرحيل من البلاد ثم عاد إليهم وحاصر طرسوس فقاتلهم أشد قتال وأسروا بطريقا من بطارقته وسقط الدمشق إلى أهل المصيصة ورجعوا إلى بلادهم ثم سار يعفور ملك الروم من القسطنطينية سنة أربع وخمسين إلى الثغور وبنى بقيسارية مدينة ونزلها وجهز عليها العساكر وبعث أهل المصيصة وطرسوس في الصلح فامتنع وسار بنفسه إلى المصيصة فدخلها عنوة واستباحها ونقل أهلها إلى بلاد الروم وكانوا نحوا من مائتي ألف ثم سار إلى طرسوس واستنزل أهلها على الأمان وعلى أن يحملوا من أموالهم وسلاحهم ما قدروا عليه وبعث حامية من الروم يبلغونهم أنطاكية وأخذ في عمارة طرسوس وتحصينها وجلب الميرة إليها ثم عاد إلى القسطنطينية وأراد الدمشق بن شمسيق أن يقصد سيف الدولة في ميافارقين ومنعه الملك من ذلك.